كان أجدادنا محكومين بالعمل في مهن محددة، و غالباً كان الإبن يعمل في نفس مهنة أبيه و التي كانت أيضاً مهنة أجداده. لذلك كانت أسئلة الشغف ونقاط القوة و طريقة العمل و الإنجاز و أنماط التعلم أسئلة غير ضاغطة أو مهمة. اليوم نعيش في عالم مليء بالفرص و غني بالتنوع. في الأغلب أنت من يرسم طريقك ، و يحدد تخصصك و المجال الذي تعمل فيه. لنتخذ هذي القرارت المهمة بشكل صحيح فإن علينا معرفة نقاط قوتنا و فهم أنفسنا بشكل أفضل. في ورقته المعنونة ب ” Managing oneself” و التي تعني ” إدارة الذات” يطرح Peter Drucker خمس أسئلة تساعدنا في فهم أنفسنا و نقاط قوتنا بشكل أفضل.
-
السؤال الأول: ماهي نقاط قوتي؟
-
السؤال الثاني: كيف أعمل؟
-
السؤال الثالث: ما هي قيمي؟
-
السؤال الرابع: أين أنتمي؟
-
السؤال الخامس: ماذا يمكن أن أقدّم؟
-
السؤال الأول: ماهي نقاط قوتي؟
معظم الناس يظنون أنهم يعرفون نقاط قوتهم، و لكنهم مخطئون. و في غالب الأحيان يظن الناس أنهم يعرفون ما لايحسنونه، و لكن أغلبهم أيضاً مخطئون. المشكلة أنه لا يمكنك أن تنجز و تؤدي إلا إعتماداً على نقاط قوتك. لا يمكن أن تؤدي بشكل ممتاز إعتماداً على نقاط ضعفك,ناهيك عن شيء لا تحسن أدائه بالمرة.
الطريقة الوحيدة لمعرفة نقاط قوتك هي من خلال ” Feedback analysis” والتي تعني ” تحليل رجع الصدى”. في كل مرة تقوم فيها بإتخاذ قرار مهم سجّل النتائج التي تتوقعها. بعد ٩-١٢ شهراً قارن بين النتائج التي حصلت عليها، و النتائج التي كنت تتوقعها. حين تقوم بتطبيق هذه الطريقة بإستمرار سيمكنك معرفة نقاط قوتك خلال فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز الثلاث سنوات. طريقة تحليل رجع الصدى ستظهر لك نقاط قوتك و ما يمكنك عمله بشكل ممتاز، ونقاط ضعفك و ما يمكنك عمله بشكل ضعيف، و أخيراً ما لا يمكنك عمله على الإطلاق.
بعد أن تقوم بتحليل رجع الصدى عليك القيام بثلاث مهمات:
١- ركّز على نقاط قوتك: قم دائما بالعمل على المهمات التي تتمكن فيها من توظيف نقاط قوتك.
٢- طوّر من نقاط قوتك : تحليل رجع الصدى سيخبرك دائماً أي المهارات التي تحتاج إلى تطويرها، و أي المهارات الجديدة التي عليك إكتسابها.
إبذل أقل مجهود ممكن لتطوير نقاط ضعفك، الجهد و الوقت الذي تبذله لتنقل نقاط ضعفك من مستوى أداء ضعيف إلى مستوى متوسط أكثر من الوقت الذي تحتاجه لتنقل نقاط قوتك من مستوى متوسط إلى مستوى ممتاز.
٣- معالجة العادات السيئة التي تمنعك من التأدية بشكل ممتاز.
-
السؤال الثاني: كيف أعمل؟
قليل هو عدد الأشخاص الذين يعرفون طريقتهم في العمل و إنجاز المهمات، و طريقة عملنا هي شيء ثابت و معطى مثل نقاط القوة التي نمتلكها. يمكن تعديلها قليلاً ، ولكن لا يمكن أبدآً تغييرها.
هناك مجموعة من الأسئلة التي تساعدنا لمعرفة طرقنا في العمل:
١- السؤال الأول: هل أنا قارئ أم مستمع ؟ إذا كنت مستمعاً فمن الصعب أن تصبح قارئاً ، و العكس صحيح.
٢- السؤال الثاني: كيف أتعلم؟
بعض الناس يتعلمون من خلال الكتابة، و بعضهم الآخر يتعلم من خلال أخذ الملاحظات، و البعض يتعلم بالممارسة، و بعضنا يتعلم من خلال سماع نفسه يتحدث.
٣- السؤال الثالث: هل أؤدي بشكل أفضل حين أعمل لوحدي أو ضمن فريق ؟
٤- السؤال الرابع: هل أؤدي بشكل أفضل كمستشار أو كمتخذ قرار ؟
بعض الناس يؤدون بشكل أفضل كمستشارين، و لكن لا يمكنهم تحمّل ضغط إتخاذ القرارات، و على العكس البعض يحتاج إلى مستشار ليجبروا أنفسهم على التفكير، و من ثم إتخاذ قرار ما.
٥- هل أؤدي بشكل أفضل تحت الضغط أو لا؟
٦- هل أؤدي بشكل أفضل في المؤسسات الصغيرة أو المؤسسات الكبيرة.
لا تحاول تغيير طريقة عملك لأنك غالباً لن تنجح، و لكن إعمل بجد لتطويرها.
السؤال الثالث: ما هي قيمي:
للإجابة على سؤال ما هي قيمي ، هناك إختبار يسمى ” إختبار المرآة “، و يعني ما هو الإنسان الذي أريد أن أراه في المرآة كل صباح؟
المؤسسات و الشركات مثل الناس لديها قيم، و حين تعمل في مكان لا تتقبل قيمه ولا تتوافق معها، فإنه حتماً سيكون سبباً لضعف أداءك. ليس المطلوب أن تتطابق قيمك مع قيم المؤسسة التي تعمل بها، و لكن على الأقل يمكنها التعايش سوياً.
السؤال الرابع: إلى أين أنتمي؟
عدد قليل من الناس يعرفون في وقت مبكر إلى أين ينتمون، و لكن أغلب الناس لا يعرفون أين ينتمون حتى يتجاوزون منتصف عشريناتهم، و لكن بحلول هذا الوقت يجب معرفة إجابات الأسئلة الثلاث الأولى: ما هي نقاط قوتي؟ و ما هي طريقتي في العمل؟ وما هي قيمي؟ ، أو على الأقل يجب علينا معرفة إلى ماذا لا ننتمي.
إن مسيرات العمل الناجحة ” career” غير مخططة مسبقاً، و لكنها تتطور حين يكون الناس جاهزين لإغتنام الفرص بعد تعرفهم على نقاط قوتهم ، و طرقهم في العمل، و قيمهم.
السؤال الرابع: ماذا يجب أن أقدّم ؟
لمعرفة ما يجب عليك تقديمه عليك أن تجيب على الأسئلة الثلاث التالية:
١- ما هو المطلوب في الوضع الحالي؟
٢- بناءاً على نقاط قوتي ، و طريقتي في العمل، و قيمي كيف يمكن أن أقدم أفضل نتيجة ممكنة؟
٣- ماهي النتائج المتوقعة لصنع فارق حقيقي؟
في الأغلب أي خطة لا يمكن أن تتجاوز ١٨ شهراً و تكون واضحة و محددة، لذلك السؤال في أغلب الأحوال هو : أين و كيف يمكن تحقيق نتائج تحدث فرقاً حقيقياً خلال السنة و النصف القادمة؟
الإجابة عليها أن توازن بين عدد من الأمور:
-
يجب أن تكون المهمة صعبة ، و لكن قابلة للتحقيق.
-
يجب على النتائج أن تكون ذات معنى و تحدث فرقاً.
من خلال الإجابة على هذه الأسئلة سيتضح لك ما يجب فعله، أين و كيف تبدأ، و الأهداف و مواعيد إتمام الأعمال.